التفكير........

التفكير

التفكير سمة من السمات التي ميز الله سبحانه و تعالى بها الإنسان عن غيره من الكائنات الأخرى، وهو مفهوم تعددت أبعاده واختلفت حوله الآراء مما يعكس تعقد العقل البشري وتشعب عملياته، ويتم التفكير من خلال سلسلة من النشاطات العقلية التي يقوم بها الدماغ عندما يتعرض لمثير يتم استقباله من خلال واحدة أو أكثر من الحواس الخمس المعروفة ،
ويتضمن التفكير البحث عن معنى ، ويتطلب التوصل إليه تأملاً وإمعان النظر في مكونات الموقف أو الخبرة التي يمر بها الفرد.
ومن خلال التفكير يتعامل الإنسان مع الأشياء التي تحيط به في بيئته ، كما أنه في الوقت ذاته يعالج المواقف التي تواجهه بدون إجراء فعل ظاهري،
فالتفكير سلوك يستخدم الأفكار والتمثيلات الرمزية للأشياء والأحداث غير الحاضرة أي التي يمكن تذكرها أو تصورها أو تخيلها.
ويستخدم الإنسان عملية التفكير عندما يواجه سؤال أو يشعر بوجود مشكلة تصادفه،
والعلاقة بين التفكير والمشكلة متداخله حيث أنهما وجهان لعملة واحدة، فالتفكير لا يحدث إلاّ إذا كانت توجد مشكلة يشعر بها الفرد وتؤثر فيه وتحتاج إلى تقديم حل لها لاستكمال النقص أو إزالة التعارض والتناقض مما يؤدي في النهاية إلى غلق ما هو ناقص في الموقف وحل أو تسوية المشكلة.
أيضاً التفكير هو كل نشاط عقلي يستخدم الرموز كأدوات له , أي يستعيض عن الأشياء و الأشخاص و الأحداث و المواقف بالرموز بدلاً من معالجتها فعلياً وواقعياً , و بذلك يشمل التفكير كل العمليات العقلية من تذكر و تخيل و تصور و فهم و استدلال وتخطيط ............. إلخ
أيضاً التفكير هو البحث عن المعنى من خلال مجموعة نشاطات موجهة لاكتشاف ما , أو إعطاء معنى لشيء عديم الفائدة أو اكتساب معرفة . (باير 1981)
يشير هذا التعريف إلى أن التفكير هو أداة الفرد ليصل إلى معرفة جديدة . مثل المقارنة و الاستنتاج ....
و يعطي "دي بونو" للتفكير هدفاً أوسع من باير إذ يعرفه بأنه :
استكشاف للخبرة من أجل الوصول إلى هدف , هذا الهدف قد يكون الفهم و اتخاذ القرار .
نستخلص من التعريفات السابقة ما يلي :
1- التفكير نشاط عقلي يحدث في الدماغ و هو غير ملموس إنما يستدل عليه من السلوك الظاهري , الذي يصدر عن الفرد
2- التفكير نشاط موجه و ليس عشوائياً
3- معظم التعريفات مُرضية عند أحد مستويات التفكير "دي بونو"
4- مفهوم التفكير يتسم بالشمولية و يتضمن عمليات عقلية عديدة تختلف من حيث المستوى و الأهمية .
5- التفكير يستهدف حل مسألة أو اتخاذ قرار أو البحث عن معانٍ أو علاقات بين الأشياء أو الأحداث .
6- التفكير ميزة يتميز بها الإنسان عن جميع الكائنات الحية و ذلك من خلال تكامل العمليات العقلية و تعددها و تشعبها و اختلاف مستوياتها .
7- التفكير يمكن تعلمه و تطويره أو الارتقاء به .
8- التفكير عملية مرتبطة بالذكاء أي أنه يتضمن القدرة على استخدام الذكاء الموروث و اخراجه إلى أرض الواقع
حسب "دي بونو"
أخيراً : التفكير فريضة أرسى أسسها الإسلام ورسخ مهاراتها في عقول أبنائه، فليس هناك دين أعطى العقل والتفكير مساحة كبيرة من الاهتمام مثل الدين الإسلامي وعندما يخاطب القرآن الكريم الإنسان المسلم فإنه يركز على عقله ووعيه وتفكيره، ولأهمية التفكير للإنسان المسلم وردت كلمة تفكير أو مرادفاتها (يتفكرون – يبصرون – يعقلون – يتذكرون.. إلخ ) مرات عديدة في القرآن الكريم.

خصائص التفكير :
1- التفكير سلوك هادف أو قصدي , فهو لا يحدث في فراغ أو بلا هدف .
2- التفكير سلوك تطوري يتغير كماً و نوعاً تبعاً لتطور الفرد و تراكم خبراته .
3- التفكير الفعال هو التفكير الذي يوصل إلى أفضل المعاني و المعلومات التي يمكن استخلاصها في موقف ما .
4- التفكير مفهوم نسبي فلا يمكن أن يصل فرد ما إلى التفكير المطلق و إنما يمكن ممارسة بعض مهارات التفكير بدرجة عالية من الفعالية .
5- يحدث التفكير بأشكال و أنماط مختلفة قد تكون لفظية أو رمزية أو كمية أو منطقية أو مكانية أو شكلية , و لكل منها خصوصيته .
6- التفكير عملية مستمرة و دائمة في الدماغ لا تتوقف حتى أثناء النوم .
7- يشتمل التفكير على عمليات و مهارات و استراتيجيات عقلية يستخدمها الفرد في تعامله أو أدائه للمهمات مستفيداً من جميع خبراته المعرفية السابقة و من جميع مدخلاته الحسية المختلفة .
8- التفكير عملية معقدة تضمن عمليات متباينة و أشكالاً معرفية و مضامين نفسية كالدافعية .
9- التفكير نشاط معرفي يشير إلى عمليات داخلية غير مرئية بذاتها بل مرتبة بنتائجها مثلاً . قد يكون حل مشكلة ما ذا دلالة على التفكير .
10- التفكير مهارة تطور بالتدريب و النمو العقلي و تراكم الخبرات , لذا فإنه لا يحدث في فراغ بل لا بد من عوامل محيطة تعمل على تشكيله مثل
( خبرات و أنشطة تربوية هادفة و متعددة تنمي التفكير العام لدى المتعلم ).
11- يتداخل مصطلح التفكير مع مصطلح حل المشكلة و ذلك لتداخل العمليات و النشاطات المعرفية المتعلقة بهما , لدرجة أن قياس التفكير يعتمد أحياناً على قدرات الفرد في التعامل مع النشاطات العقلية و حل المشكلات
مكونات التفكير :
1- عمليات معرفية معقدة (مثل حل المشكلات ) أو أق تعقيداً كالاستيعاب و التطبيق و الاستدلال و عمليات توجيه و تحكم فوق معرفية .
2- المعرفة : و تكزن من الوعي بمصادر المعلومات في مجال من مجالات المعرفة , و الوعي بالمفاهيم و المبادئ و التعميمات و النظريات و القواعد و القوانين التي تلزم في توليد المعرفة و تنظيمها .
3- استراتيجية التفكير أو خطة التفكير التي تحدد كيفية نجاح الفرد أو فشله في تحديد الاستجابة المناسبة لموقف معين , و تشير إلى تابعات مرتبة بسلسلة من الخطوات المستخدمة أو الإجراءات الذهنية المتبعة .
4- استعدادات و عوامل شخصية (اتجاهات – ميول .. ).
إن تعدد هذه المكونات هو السبب في تعقد مفهوم التفكير , خاصة و أن هذه المكونات تفاعل فيما بينها لتحقيق الهدف أو الوصول إلى النتيجة المرجوة من عملية التفكير .
مستويات التفكير :
ويمكن تصنيف مهارات التفكير إلى فئتين رئيسيتين هما :
مهارات التفكير الدنيا ( المعرفية ) :
والتي تعني الاستخدام المحدود للعمليات العقلية كالحفظ والاستظهار والتذكر، وهي عمليات من الضروري تعلمها قبل الانتقال إلى مستويات التفكير العليا.
مهارات التفكير العليا )فوق المعرفية ) :
والتي تعني الاستخدام الواسع للعمليات العقلية، ويحدث ذلك عندما يقوم الفرد بتفسير وتحليل المعلومات ومعالجتها بعيداً عن الحلول أو الصياغات البسيطة للإجابة على سؤال أو حل مشكلة لا يمكن حلها من خلال الاستخدام الروتيني للعمليات العقلية الدنيا، هذا و يقع ضمن هذه الفئة مجموعة من أنواع التفكير ، كالتفكير الإبداعي والتفكير الناقد.